responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 8  صفحه : 372
فَأَسْلَمَ قَبْلَ الْإِصَابَةِ ثُمَّ أَصَابَهُ بَعْدَمَا أَسْلَمَ وَهَذَا بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّ الرَّمْيَ لَمْ يَنْعَقِدْ مُوجِبًا لِلضَّمَانِ لِعَدَمِ تَقَوُّمِ الْمَحَلِّ لِأَنَّ الْمُرْتَدَّ وَالْحَرْبِيَّ لَا عِصْمَةَ لِدَمِهِمَا قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَالْقِيمَةُ بِعِتْقِهِ) يَعْنِي لَوْ رَمَى إلَى عَبْدٍ فَأَعْتَقَهُ الْمَوْلَى بَعْدَ الرَّمْيِ قَبْلَ الْإِصَابَةِ فَأَصَابَهُ السَّهْمُ فَمَاتَ لَزِمَ الرَّامِيَ الْقِيمَةُ عِنْدَ الْإِمَامِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَهُ فَضْلُ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ مَرْمِيًّا وَغَيْرَ مَرْمِيٍّ لِأَنَّ الْعِتْقَ قَطَعَ السِّرَايَةَ وَإِذَا انْقَطَعَتْ بَقِيَ مُجَرَّدُ الرَّمْيِ وَهِيَ جِنَايَةٌ تُنْتَقَصُ بِهَا قِيمَةُ الْمَرْمِيِّ إلَيْهِ بِالْإِضَافَةِ إلَى مَا قَبْلَ الرَّمْيِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ حَتَّى لَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ قَبْلَ الرَّمْيِ وَثَمَانَمِائَةٍ بَعْدَهُ لَزِمَهُ مِائَتَانِ لِأَنَّ الْعِتْقَ قَاطِعٌ لِلسِّرَايَةِ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ قَطَعَ يَدَ عَبْدٍ ثُمَّ أَعْتَقَهُ مَوْلَاهُ ثُمَّ مَاتَ مِنْهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إلَّا أَرْشُ الْيَدِ مَعَ النُّقْصَانِ الَّذِي نَقَصَهُ الْقَطْعُ إلَى الْعِتْقِ وَهُوَ بِنَفْسِ الرَّمْيِ فَصَارَ جَانِيًا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يُوجِبُ النُّقْصَانَ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الرَّامِيَ يَصِيرُ قَاتِلًا لَهُ مِنْ وَقْتِ الرَّمْيِ وَهُوَ مَمْلُوكٌ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ بِخِلَافِ الْقَطْعِ وَالْجَرْحِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إتْلَافٌ لِبَعْضِ الْمَحَلِّ وَالْإِتْلَافُ يُوجِبُ الضَّمَانَ لِلْمَوْلَى لِأَنَّهُ وَرَدَ عَلَى مَحَلٍّ مَمْلُوكٍ لَهُ ثُمَّ إذَا سَرَى لَا يُوجِبُ شَيْئًا لِأَنَّهُ لَوْ أَوْجَبَ شَيْئًا لَوَجَبَ لِلْعَبْدِ لَا لِلْمَوْلَى لِانْقِطَاعِ حَقِّ الْمَوْلَى عَنْهُ وَظُهُورِ حَقِّهِ فِيهِ فَيَصِيرُ النِّهَايَةُ مُخَالَفَةً لِلْبَدِيَّةِ فَصَارَ ذَلِكَ كَتَبَدُّلِ الْمَحَلِّ وَعِنْدَ تَبَدُّلِ الْمَحَلِّ لَا تَتَبَدَّلُ السِّرَايَةُ فَكَذَا هُنَا أَمَّا الرَّمْيُ فَقَبْلَ الْإِصَابَةِ بِهِ لَيْسَ بِإِتْلَافِ شَيْءٍ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لَهُ فِي الْمَحَلِّ.
وَإِنَّمَا قَلَّتْ فِيهِ الرَّغَبَاتُ فَلَا يَجِبُ فِيهِ الضَّمَانُ قَبْلَ الِاتِّصَالِ بِالْمَحَلِّ وَعِنْدَ الِاتِّصَالِ بِالْمَحَلِّ يَسْتَنِدُ الْوُجُوبُ إلَى وَقْتِ الِانْعِقَادِ فَلَا تُخَالِفُ النِّهَايَةُ الْبِدَايَةَ فَتَجِبُ قِيمَتُهُ لِلْمَوْلَى وَقَالَ زُفَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَيْهِ الدِّيَةُ لِأَنَّ الرَّمْيَ إنَّمَا صَارَ عِلَّةً عِنْدَ الْإِصَابَةِ إذْ الْإِتْلَافُ لَا يَصِيرُ عِلَّةً مِنْ غَيْرِ تَلَفٍ يَتَّصِلُ بِهِ، وَوَقْتُ التَّلَفِ الْمُتْلَفُ حُرٌّ فَتَجِبُ دِيَتُهُ وَأَبُو يُوسُفَ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ فِيهِ وَالْفَرْقُ لَهُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ مَسْأَلَةِ الِارْتِدَادِ أَنَّهُ اعْتَرَضَ عَلَى الرَّمْيِ مَا يُوجِبُ عِصْمَةَ الْمَحَلِّ فِيمَا تَقَدَّمَ، فَحَصَلَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْإِبْرَاءِ أَمَّا هُنَا اعْتَرَضَ عَلَى الرَّمْيِ بِمَا يُؤَكِّدُ عِصْمَةَ الْمَحَلِّ وَهُوَ الْإِعْتَاقُ فَلَا تَبْطُلُ بِهِ الْجِنَايَةُ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَا يَضْمَنُ الرَّامِي بِرُجُوعِ شَاهِدِ الرَّجْمِ بَعْدَ الرَّمْيِ) مَعْنَاهُ إذَا قَضَى الْقَاضِي بِرَجْمِ رَجُلٍ فَرَمَاهُ رَجُلٌ ثُمَّ رَجَعَ أَحَدُ الشُّهُودِ بَعْدَ الرَّمْيِ قَبْلَ الْإِصَابَةِ وَوَقَعَ عَلَيْهِ الْحَجْرُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الرَّامِي لِمَا أَنَّ الْمُعْتَبَرَ حَالَةُ الرَّمْيِ وَهُوَ مُبَاحُ الدَّمِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَحَلَّ الصَّيْدُ بِرِدَّةِ الرَّامِي لَا بِإِسْلَامِهِ) مَعْنَاهُ إذَا رَمَى مُسْلِمٌ صَيْدًا فَارْتَدَّ قَبْلَ وُقُوعِ السَّهْمِ بِالصَّيْدِ حَلَّ أَكْلُهُ وَلَوْ رَمَاهُ وَهُوَ مَجُوسِيٌّ فَأَسْلَمَ قَبْلَ الْوُقُوعِ لَا يَحِلُّ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ حَالَةُ الرَّمْيِ فِي حَقِّ الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ إذْ الرَّمْيُ هُوَ الذَّكَاةُ لِأَنَّهُ فِعْلُهُ وَيَدْخُلُ تَحْتَ قُدْرَتِهِ لَا الْإِصَابَةُ فَتُعْتَبَرُ الْأَهْلِيَّةُ وَعَدَمُهَا عِنْدَهُ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَوَجَبَ الْجَزَاءُ بِحِلِّهِ لَا بِإِحْرَامِهِ) أَيْ لَوْ رَمَى الْمُحْرِمُ صَيْدًا فَحَلَّ قَبْلَ الْإِصَابَةِ ثُمَّ أَصَابَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ.
وَإِنْ رَمَاهُ وَهُوَ حَلَالٌ فَأَحْرَمَ قَبْلَ الْإِصَابَةِ فَوَقَعَ الصَّيْدُ وَهُوَ مُحْرِمٌ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ لِأَنَّ الْجَزَاءَ يَجِبُ بِالتَّعَدِّي، وَهُوَ الرَّمْيُ فِي حَالَةِ الْإِحْرَامِ وَوَجَدَ ذَلِكَ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، وَالْأَصْل فِي مَسَائِلِ هَذَا الْكِتَابِ أَنْ يُعْتَبَرَ وَقْتُ الرَّمْيِ بِالِاتِّفَاقِ وَإِنَّمَا عَدَلَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ عَنْ ذَلِكَ فِيمَا إذَا رَمَى إلَى مُسْلِمٍ فَارْتَدَّ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ قَبْلَ الْإِصَابَةِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ صَارَ مُبَرِّئًا لَهُ عَلَى مَا بَيَّنَّا فِي أَوَّلِ هَذَا الْفَصْلِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

[كِتَابُ الدِّيَاتِ]
قَالَ فِي الْعِنَايَةِ ذِكْرُ الدِّيَاتِ بَعْدَ الْجِنَايَاتِ ظَاهِرُ الْمُنَاسَبَةِ لِمَا أَنَّ الدِّيَةَ أَحَدُ مُوجِبَيْ الْجِنَايَةِ فِي الْآدَمِيِّ صِيَانَةً لَهُ عَنْ الْقِصَاصِ لَكِنَّ الْقِصَاصَ أَشَدُّ جِنَايَةً فَلِذَا قَدَّمَهُ وَالْكَلَامُ فِيهَا مِنْ وُجُوهٍ الْأَوَّلُ فِي دَلِيلِ مَشْرُوعِيَّتِهَا وَالثَّانِي فِي مَعْنَاهَا لُغَةً وَالثَّالِثُ فِي مَعْنَاهَا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَالرَّابِعُ فِي سَبَبِ وُجُوبِهَا وَالْخَامِسُ فِي فَائِدَتِهَا وَالسَّادِسُ فِي رُكْنِهَا وَالسَّابِعُ فِي شَرْطِهَا وَالثَّامِنُ فِي حُكْمِهَا أَمَّا دَلِيلُ الْمَشْرُوعِيَّةِ فَقَوْلُهُ تَعَالَى {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} [النساء: 92] الْآيَةُ.
وَأَمَّا مَعْنَاهَا فِي اللُّغَةِ فَالدِّيَةُ مَصْدَرُ وَدَى الْقَاتِلُ الْمَقْتُولَ أَعْطَى دِيَتَهُ وَأَعْطَى لِوَلِيِّهِ الْمَالَ الَّذِي هُوَ بَدَلُ النَّفْسِ ثُمَّ قِيلَ لِذَلِكَ الْمَالِ الدِّيَةُ تَسْمِيَةً بِالْمَصْدَرِ كَذَا فِي الْمُغْرِبِ قَالَ فِي الْقَامُوسِ الدِّيَةُ حَقٌّ لِلْقَتِيلِ جَمْعُهَا دِيَاتٌ وَفِي الصِّحَاحِ وَدَيْت الْقَتِيلَ أَدِيهِ دِيَةً إذَا أَعْطَيْت دِيَتَهُ وَأَمَّا مَعْنَاهَا شَرْعًا فَالدِّيَةُ عِبَارَةٌ عَمَّا يُؤْدَى وَقَدْ صَارَ هَذَا الِاسْمُ عَلَمًا عَلَى بَدَلِ النُّفُوسِ دُونَ غَيْرِهَا وَهُوَ الْأَرْشُ وَأَمَّا سَبَبُ وُجُوبِهَا فَالْخَطَأُ فَإِنَّ الْآدَمِيَّ لَمَّا خُلِقَ فِي الْأَصْلِ مَعْصُومَ النَّفْسِ

نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 8  صفحه : 372
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست